الجواد العربي
هو جواد عتيق ينحدر جميع أسلافه من خيل العرب العتاق عبر التاريخ.
الجواد العربي لا يكون إلا أصيلاً. ولكي يعد الجواد أصيلاً، فلابد لنسبه أن يعود بالكامل إلى نتاج القبائل العربية البدوية في موطنه الأصلي، وأن يخلو من كل اختلاط مع سلالات غير عربية يدل عليه دليل قاطع على الهجنة، وأن يندرج من رسن ومربط معروفين وفق ما تقتضيه أعراف البادية بحيث يمكن افتراض صحة انتسابه لهما.
فلا يعد الجواد عربيا إلا بأصل معلوم مقبول، مع الخلو من كل هجنة.
ملاحظات حول التعريف
أولاً: الموطن الأصلي
الموطن الأصلي للحصان العربي يغطي إقليما واسعا في جنوب غرب آسيا. تمثل الجزيرة العربية وامتدادها في صحراء الحماد والنقب وبادية السماوة (بادية الشام والعراق) الجزء الرئيس والمركزي في ذلك الإقليم، ويمتد الإقليم تبعا لهجرة القبائل العربية البدوية ليشمل مناطق الهلال الخصيب حول دجلة والفرات. ويحد هذا الإقليم من جهة الشرق الخليج العربي، ومن جهة الغرب البحر الأحمر ويشمل صحراء سيناء والصالحية شرق مصر، ومن الشمال الشرقي سلسلة جبال زاغروس بما في ذلك الساحل الشمالي الشرقي للخليج العربي، ومن جهة الشمال والشمال الغربي جبال طوروس جنوب الأناضول والمناطق المحاذية لساحل البحر الأبيض. ومع اعتبار هجرة القبائل العربية البدوية في مناطق واسعة، ووجود أعراق وثقافات مختلفة في النطاق المحيط بجزيرة العرب، فإن الحدود الحقيقية لموطن الحصان العربي هي حدود ثقافية أكثر منها جغرافية.
ثانياً: الرسن والمربط
أهل البادية يطلبون العتاق من مصادرها الموثوقة (مرابط)، ويبنون شياعتها (تعريفها) على الرسن والمربط معا. فالأمران سويا يختزلان أعراف البدو حول أصائل الخيل، وينشآن الهوية لآحادها. وضياع معرفة الرسن هو ضياع لهوية الحصان، كما أن ضياع معرفة المربط يجعل أصالة الحصان موضع نظر.
ثالثاً: شروط الأصالة
الحكم على أصالة أي جواد يلزمه تحقق شرطان واجبان أولا:
لابد من وجود دلائل مباشرة، أو غير مباشرة (مستمدة من السياق التاريخي) على الأصول البدوية لجميع أسلاف الحصان، بحيث يمكن افتراض صحة تلك الدلائل بشكل منطقي وكذلك.
ثانيا: الخلو من الهجنة، وهو ما يعني غياب أي دليل قاطع غير ظني على وجود الهجنة .
رابعاً: الهجنة
الهجنة هي كل علامة مؤكدة على دخول دماء غير عربية. وتكون علامات الهجنة إما ظاهرية مدركة بالعين، أو غير ظاهرية معلومة من خطوط النسب أو علوم الوراثة.
خامساً: التقييم الموضوعي
التعريف أعلاه يقدم الإطار المعياري لثبوت صفة الأصالة، وهو مبني على مدى توفر المعلومات حول أصول أي حصان، وملابسات انتاجه، ودروجه من مالك لآخر. فالمعلومات هي الحقائق الملموسة التي توفر الدليل لأي استنتاج حول صفة الأصالة. ويقوم التقييم الموضوعي للمعلومات على الاستعانة بأنواع مختلفة من الأدلة الثبوتية وطرائق البحث كما هو مشار إليه أدناه.
سادساً: الدلائل الموضوعية
هناك نوعان من الدلائل الموضوعية على ثبوت أو انتفاء صفة الأصالة.
(أ) دلائل الأصل
وهي الدلائل على صحة أصول الحصان. وهذه الدلائل هي بطبيعتها دلائل استرشادية غير حاسمة وقابلة للتصحيح. تؤسس هذه الدلائل للمصداقية بدلا من الجزم القاطع الذي لا يحتمل الخطأ، وتبقى سليمة ومقبولة مالم تظهر دلائل أخرى تناقضها. وتقوم دلائل الأصل على عدة مجالات بحثية.
1 - الأبحاث التاريخية وهي الأبحاث التي تقر بسلامة انتساب أسلاف الحصان للمصادر البدوية حسب التعريف أعلاه. وتعتبر سجلات الأنساب على سبيل المثال، وما يسبقها من وثائق وحجج تاريخية أدوات مقبولة للبحث التاريخي، ضمن أدوات أخرى كثيرة تعبر عن السياق التاريخي حول أصول الحصان.
2 - الأبحاث الاجتماعية والثقافية وهي الأبحاث التي تقر بموثوقية المنتِج أو المَصدَر لحصان ما على أنه مصدر بدوي مقبول وفق التعريف، أو وسيط موثوق لأحد المصادر البدوية المقبولة.
3 - أبحاث الجينات والدي إن إيه وهي الأبحاث التي تقر بسلامة انتساب الحصان لأبوية أو صحة خطوط النسب الممتدة، وتظهر عدم وجود أي تعارض في تلك الخطوط مع الأصول المفترضة للحصان. وهي مرة أخرى تمثل مجالاً مفتوحاً للبحث المستمر ولمكتسبات التقدم العلمي.
(ب) دلائل الهجنة
لابد أن تكون دلائل الهجنة قاطعة غير ظنية. وهي تتضمن أيا أو كلا مما يلي:
1 - خطوط النسب. وتشمل الدلائل المثبتة على اختلاط الدماء في أي من أسلاف الحصان وخطوط نسبه الممتدة.
2 - العلامات الظاهرية. الشكل الخارجي كان دائما أحد الوسائل التي استخدمها العرب لاستبعاد الخيل الهجينة بناء على علامات واضحة للهجنة، مثل بعض الألوان أو بعض مواصفات الهيكل العظمي. ولابد من بذل الجهود لوضع قواعد إرشادية واضحة على علامات الهجنة القاطعة.
3 - المحددات الوراثية. العلوم الحديثة حول الخريطة الجينية (الجينوم) للحصان العربي قد تمثل رافدا مهما لاكتشاف دلائل جينية على التهجين واختلاط الدم. هذه العلوم تمثل مجالاً مفتوحاً للبحث المستمر ولمكتسبات التقدم العلمي.
سابعا - المشكلات الثبوتية
كل نقص في المعلومات يمثل وهناً في ثبوتية الأصالة، قد لا يؤدي بالضرورة إلى انتفائها. ولا بد من التفريق بين الخيل التي تأكدنا من عدم أصالتها، وبين الخيل التي يعترى المعلومات حول أصالتها شيء من النقص وعدم الاكتمال لكن لا يزال بالإمكان منطقيا افتراض أصالتها. مما يفتح المجال لمستويات مختلفة من الثبوتية داخل الخيل الأصيلة وفق نتائج الأبحاث، ويبقى الأمر متروكا للمعنيين في التعامل مع هذه المستويات داخل دائرة الأصالة. أما الغياب التام للمعلومات حول أصول أي حصان فلا يجوز معه أبدا افتراض الأصالة.
ثامنا - صلاحية صفة الأصالة
صفة الأصالة لكل حصان تحتاج أن تظل صالحة، ومن الممكن فقدانها إذا توفرت معلومات جديدة أو كشوف علمية تظهر دلائل هجنة كانت خافية. ولا يجب أن تؤخذ صفة الأصالة كحقيقة مسلم بها إلى الأبد، بل أن يظل السعي مستمرا لتنقية السلالة العربية من أي مكونات دخيلة.
تاسعا - فقدان صفة الأصالة
تورث صفة الأصالة من الأبوين جميعا. ولا يمكن سحب هذه الصفة ما دام الأبوان معلومان ومتمتعان بصفة الأصالة. فقدان صفة الأصالة لحصان كان يفترض سابقا أنه أصيل يتم فقط بناء على فقدان أحد الشرطين المحددين أعلاه لتحقق الأصالة أو كلاهما، وهو ما يعني إما ظهور دليل مؤكد على الهجنة، أو أن يتبين بطلان معلومات سابقة بما يدع الحصان من غير أي دليل يشير إلى أصوله البدوية، أو الأمران معا.
عاشرا - سلطة الفصل
الإقرار بصفة الأصالة هو عمل بحثي لا قضائي، وهو يمثل قناعة مؤسسة بحثية أو سلطة تسجيل حول تحقق التعريف المتبنى وفقا لأفضل ما أمكنها الوصول إليه من معرفة. ويجب أن تكون وسائل البحث المؤدية لذلك محددة ومعلنة بشفافية. إن ما تقوم به أي سلطة تسجيل إنما هو إعلان موقفها نحو ثبوت أصالة حصان ما، وهو الموقف الذي قد يتغير مستقبلا، وليس إرساء أية مسلمات تاريخية.