"منظمة العِتاق تعد نفسها جسراً ورابطا بين التقاليد والحداثة، وبين الماضي والمستقبل، وبين الشرق والغرب."

تم تأسيس المجلس العالمي للخيل العربية (العتاق) تجاوبا مع عدد من التحديات التي تواجهها الخيل العربية في العصر الحديث.

أحدثت وتيرة التحديث المتسارعة والمتواصلة تحولاً كبيراً على مدى المائة عام الماضية في مجتمع البادية العربية التي هي موطن الخيل العربية ومصدرها الأول. شهد خلالها العالم العربي انتشاراً واسعاً للمفاهيم والتقاليد الغربية المتعلقة بالخيل العربية، وغيابا تدريجيا الموروث الثقافي العربي في عالم الخيل. وعلى الرغم من إيجابيات كثيرة لدورة العولمة والتحديث في جميع مناحي الحياة، وما تضمنته من دور كبير لعبته الخيل العربية كجسر حضاري وثقافي بين الشرق والغرب حمل ثقافة وتاريخ الفروسية العربية إلى العالم الخارجي، إلا أنها أدت في المقابل إلى انقطاع كثير من الممارسات والمفاهيم المستمدة من التراث والحضارة العربية. 

ويلاحظ المهتمون بشؤون الخيل العربية نقص المعرفة بتراث الفروسية وتربية الخيل عند العرب بين الأجيال الشابة والناشئة من المربين في البلاد العربية، وانتشارا واسعا للمفاهيم والممارسات الغربية داخل مجتمعات الخيل العربية في موطنها وبين أهلها.

تحدي آخر تواجهه الخيل العربية منذ منتصف القرن العشرين، وهو انخفاض التنوع الوراثي وانحسار المستودع الجيني، وما تبع ذلك من محدودية التنوع في السمات الظاهرية، وكلها أعراض ناشئة عن انتشار معايير التربية الغربية وطرائقها في الانتخاب والانتاج، والذي تخشى عواقيه على سلامة واستدامة السلالة العربية القائمة عبر تاريخها الطويل على الثراء والتنوع الجيني.

 

لم تقدم المنهجيات والأطر الغربية لانتاج الخيل العربية وحفظ أنسابها أساسا واضحا لاستدامة عتق الخيل العربية ومقومات جودتها. فلا نكاد نجد تعريفا معياريا متفقا عليه عالميا لماهية الجواد العربي، فضلا عن أن يكون التعريف مستمدا من الثقافة العربية والتقاليد البدوية. وبعد عقود عديدة من مبادرات وجهود دولية كثيرة منها ما هو محمود مقدر، لا يزال النجاح محدودا في حماية سلامة السلالة العربية وصون مقوماتها على النحو الذي كانت عليه عبر التاريخ وما وصلتنا عليه في العصر الحديث. بل إن النظم والمعايير الحالية السائدة عالميا أدت لعزل وتهميش عدد غير قليل من مجموعات الخيل العربية ذات الموثوقية العالية في النسب والأصول، وذات الصفات الأقرب لجودة وعتق الخيل العربية في مصادرها الأصلية، حيث أمست بعيدة عن مجتمع الخيل العربية العالمي ومحافله الدولية، نتيجة بعدها عن المعايير والرؤى الغربية في الانتخاب والانتاج، وهو ما أضر كثيرا بتلك المجموعات النفيسة من الخيل وأدى لعزوف الأجيال الناشئة عن تربيتها، ووضعها عرضة للضياع والانقراض.

في المقابل، فإن الحداثة والتطور العلمي والتقني الكبير يقدمون لنا فرصا واسعة لصيانة السلالة العربية ودراسة سبل المحافظة عليها. إن أدوات العلم الحديث، والدراسات الجينية التي تتطور بشكل كبير كل يوم، تفتح أبوابا ومجالات يجب أن تغتنم لدراسة السلالة العربية أسوة بسلالات أخرى معاصرة خضعت لدراسات مستفيضة، وصيانة السلالة العربية من التحولات والآثار الجانبية للأنماط المعاصرة، ومن أي عبث منبت عن الجذور العربية، وضمان استمراريتها لقرون أخرى عديدة.

 إن قناعة كبيرة قد توافرت لدى قطاع واسع من المربين والمهتمين بالخيل العربية في الشرق والغرب على ضرورة العودة للأصول، وعلى استغلال أدوات العلم الحديث والتقنية، وعلى خلق مجال للجواد العربي العتيق، أينما وجد، للاستمرار والإزدهار. إن منظمة العتاق مدفوعة بفهم عميق للثقافة العربية وللعلم الحديث، تعد نفسها جسراً ورابطا بين التقاليد والحداثة، وبين الماضي والمستقبل، وبين الشرق والغرب. 


⸻ المجلس العالمي للخيل العربية

رسالة مجلس الإدارة

تمر السلالة العربية العريقة بمرحلة تحول فارقة في تاريخها الممتد عبر آلاف السنين. فهي تشهد تغيرا جذريا في البيئة والمحيط الثقافي والاجتماعي الذي صاحبها عبر القرون وصاغ مقوماتها الفريدة. الحياة البدوية والنظام  الاجتماعي المصاحب لمعيشة القبائل العربية لم يعودا موجودان كما كان في الماضي. والجواد العربي لم يعد يحيى في بوادي الجزيرة العربية حول مضارب القبائل، بل في مزارع واسطبلات حديثة وفارهة حول العالم، مع استثناءات قليلة. يثير هذا جدلاً كبيرا حول ما إذا كانت عملية التحول هذه قد وصلت أيضا إلى هوية الخيل العربية وجوهر مقوماتها.

كان الجواد العربي منذ خروجه من البادية وانتشاره حول العالم موضع حفاوة ومحاولات كثيرة للمحافظة عليه واستمرار بقائه. ولا يزال الجدال مستمرا حول كيفية المحافظة على موثوقية هويته وتفرد صفاته، وما إن كان من تعريف لتلك الهوية ومحدداتها. ومع أن القرن العشرين قد شهد محاولات تفوق الحصر لتأسيس منظمات، وجمعيات، وسجلات، وفهارس، وسلطات تسجيل للمحافظة على الخيل العربية، إلا أن الغالب على تلك المحاولات هو تقديم تعريفات ومعايير جزئية وغير دقيقة أحيانا، أو متأثرة بمفاهيم ورؤى غربية بما يناسب ثقافة تلك المجتمعات وتوجهاتها، دون النظر إلى مجتمع المنشأ، واستخلاص مبادئ وأسس وتعريفات عالمية مبنية على الجذور والقيم الأصلية للحصان العربي.

لذلك فالعتاق هي جهد جماعي من كثير من الداعمين حول العالم. جميعهم يشتركون في الفهم الواسع والاحترام العميق للخلفية الثقافية للسلالة العربية، إما لكونهم عربا أو ذوي أصول بدوية، أو لكونهم يكنون الاحترام والتقدير للقيم العربية البدوية حول السلالة العربية. إن جميع المشاركين والداعمين لمنظمة العتاق يقدمون هذه المبادرة المباركة بالبناء على مبادرات وجهود سابقة محمودة من منظمات وباحثين مستقلين، معترفين بكل جهد يقدم لخدمة السلالة العربية. 

العتاق تتطلع بكثير من العزم والأمل إلى إرساء تعاون عالمي بناء للمحافظة على الجواد العربي العتيق الأصيل وتحقيق إزدهاره. 

تراث السدو والسروجية عند أهل البادية

شعار العتاق مستوحى من أنماط وألوان النسيج البدوي (السدو)، والذي يعد جزءاً من الثقافة البدوية، وعلما عليها.

النسيج البدوي والخيل العربية، تجمعهما قواسم مشتركة. حيث تُغزل خيطان من وبر الإبل أو شعر الغنم في نسيج جامع محكم بين لحمة وسداة، كما تتداخل أرسان الخيل في مرابطها من إناث صافيات وشبوات منتقاة، لتغزل لنا تركيبة جينية فريدة في نقائها وتميزها. وتتفرع أرسان الخيل وتتشابك على صفحة الزمن بين القبائل والعشائر ببطونها وأفخاذها صاحبة المرابط، في سلاسل محكمة عبر التاريخ، إحكام السدو في بساطته وعراقته وإتقانه.

 

من رسائل الداعمين

ندعم هذا العمل لتقوية انتاج الخيل العربية والمحافظه على اصالتها وتأمين مستقبلها

الشيخ أحمد بن صقر آل خليفة

" هذه واحدة من أهم المبادرات التي نحتاجها بشدة لصياغة إطار فكري دقيق مبني على حقائق تاريخية حول خلفيات السلالات المعاصرة ذات الدماء الحارة. من الواضح أننا نحتاج مساعدة كبيرة لوضع إطار موضوعي لفهم طبيعة الخيل العربية وتحديد المسارات المستقبلية لحفظ هذه السلالة."

بروس بيك Bruce H Peek

"بالنسبة لي فإن مرأى الخيل البدوية العتيقة يحبس الأنفاس. كثير من الخيول العربية المعاصرة لديها عيوب في التركيب، ما كان للبدو سابقا أن يسمحوا بها أو يتغاضوا عنها. لقد تربيت حول فرسات كانت مأمونة ويمكن الوثوق بها حتى مع الأطقال الصغار. بل إن حصاني العربي كان بمثابة جليس أطفال لابنتي. أعتقد هذا ما كان البدو سيقبلون به. هناك الكثير جدا في الخيل أكثر من مجرد المكسب على ساحات عروض الجمال. هناك قلب الحصان وعطاؤه لفارسه. هناك التركيب الجسماني المحكم الذي يستمر مع الحصان لعمر طويل. هذه هي الأهداف التي يمكنني أن أدعمها. العودة للحصان العربي الأصلي. "

Karen Page

"هنا في أستراليا، كانت الحكومة تتيح الطلائق العربية في المزارع البحثية لتحسين النتاج عند المربين، مما ممثل مساهمة ذات قيمة كبيرة. الآن نرى الطلائق العربية للأسف الشديد كائنات غريبة الأطوار. كنت أمتطي وأنا طفلة الفرسات العربية بمحطات الأبحاث وكنا نمارس عليها رياضات البولو، والروديو، ورياضة صيد العجول، وكذلك رياضات القدرة والتحمل، وغيرها من الأعمال الشاقة. كانت الخيل تعمل طوال اليوم، وكانت ذات رؤوس شامخة وشخصيات واثقة. أرجوكم أعيدوا لنا هذه الخيل مرة أخرى قبل فوات الأوان."

جولي بيرد Julie Bird

 

الخلفية

في فبراير 2022، صدرت مبادرة صدق عليها 32 عضوا من مناطق مختلفة حول العالم، من بينهم أغلبية عربية، تحت مسمى البيان العام للحصان العربي. استهدفت المبادرة بناء التوافق حول القيم والمباديء الأساسية الحاكمة لجهود المحافظة على الخيل العربية، والتعريفات المصاحبة وفقا لأوثق المفاهيم العربية والبدوية. كما احتوى البيان على قائمة من التوضيحات للتعريف التي تجعله قابلا للتطبيق ضمن أي عمل مؤسسي مستقبلي.

العتاق تعد المرحلة التالية لمبادة البيان العام، والتي تبني على نهجه التوافقي، وترث مبادئه وتعريفاته. تستمر نفس المجموعة من مؤسسي البيان العام، ومعهم الكثير من الداعمين، في دعم منظمة العتاق، كمجلس عالمي للعمل على حفظ وازدهار الجواد العربي العتيق.

تم التسجيل القانوني للعتاق كمؤسسة غير ربحية في 2023 عن طريق مجلس إدارة من أغلبية ناطقة باللغة العربية، وأعضاء يمثلون مناطق مختلفة من العالم.